فصل: الباب السابع: في أقوال السلف المأثورة في الصفات

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


الباب السابع‏:‏ في أقوال السلف المأثورة في الصفات

اشتهر عن السلف كلمات عامة وأخرى خاصة في آيات الصفات وأحاديثها فمن الكلمات العامة قولهم‏:‏ ‏"‏أمروها كما جاءت بلا كيف‏"‏‏.‏

روي هذا عن مكحول، والزهري، ومالك بن أنس، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، والأوزاعي‏.‏

وفي هذه العبارة رد على المعطلة والمشبهة، ففي قولهم‏:‏ ‏"‏أمروها كما جاءت‏"‏ رد على المعطلة‏.‏ وفي قولهم‏:‏ ‏"‏بلا كيف‏"‏ رد على المشبهة‏.‏

وفيها أيضًا دليل على أن السلف كانوا يثبتون لنصوص الصفات المعاني الصحيحة التي تليق بالله تدل على ذلك من وجهين‏:‏

الأول‏:‏ قولهم‏:‏ ‏"‏أمروها كما جاءت‏"‏‏.‏ فإن معناها إبقاء دلالتها على ما جاءت به من المعاني، ولا ريب أنها جاءت لإثبات المعاني اللائقة بالله تعالى‏:‏ ولو كانوا لا يعتقدون لها معنى لقالوا‏:‏ ‏"‏أمروا لفظها ولا تتعرضوا لمعناها‏"‏‏.‏ ونحو ذلك‏.‏

الثاني‏:‏ قولهم‏:‏ ‏"‏بلا كيف‏"‏ فإنه ظاهر في إثبات حقيقة المعنى، لأنهم لو كانوا لا يعتقدون ثبوته ما احتاجوا إلى نفي كيفيته، فإن غير الثابت لا وجود له في نفسه، فنفي كيفيته من لغو القول‏.‏

فإن قيل‏:‏ ما الجواب عما قاله الإمام أحمد في حديث النزول وشبهه‏:‏ ‏"‏نؤمن بها ونصدق، لا كيف، ولا معنى‏"‏‏.‏

قلنا‏:‏ الجواب على ذلك‏:‏ أن المعنى الذي نفاه الإمام أحمد في كلامه هو المعنى الذي ابتكره المعطلة من الجهمية وغيرهم، وحرفوا به نصوص الكتاب والسنة عن ظاهرها إلى معانٍ تخالفه‏.‏

ويدل على ما ذكرنا أنه نفى المعنى، ونفى الكيفية، ليتضمن كلامه الرد على كلتا الطائفتين المبتدعتين‏:‏ طائفة المعطلة، وطائفة المشبهة‏.‏

ويدل عليه أيضًاما قاله المؤلف في قول محمد بن الحسن‏:‏‏"‏ اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن، والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صفة الرب عز وجل من غير تفسير،ولا وصف،ولا تشبيه‏"‏‏.‏ا هـ‏.‏ ‏.‏

قال المؤلف‏:‏ أراد به تفسير الجهمية المعطلة الذين ابتدعوا تفسير الصفات بخلاف ما كان عليه الصحابة، والتابعون من الإثبات‏.‏ ا هـ‏.‏

فهذا دليل على أن تفسير آيات الصفات وأحاديثها على نوعين‏:‏

الأول‏:‏ تفسير مقبول‏:‏ وهو ما كان عليه الصحابة والتابعون من إثبات المعنى اللائق بالله عز وجل الموافق لظاهر الكتاب والسنة‏.‏

الثاني‏:‏ تفسير غير مقبول‏:‏ وهو ما كان بخلاف ذلك‏.‏

وهذا المعنى منه مقبول ومنه مردود على ما تقدم‏.‏

فإن قيل‏:‏ هل لصفات الله كيفية‏؟‏

فالجواب‏:‏ نعم‏!‏ لها كيفية لكنها مجهولة لنا، لأن الشيء إنما تعلم كيفيته بمشاهدته، أو مشاهدة نظيره، أو خبر الصادق عنه، وكل هذه الطرق غير موجودة في صفات الله‏.‏ وبهذا عرف أن قول السلف‏:‏ ‏"‏بلا كيف‏"‏ معناه بلا تكييف لم يريدوا نفي الكيفية مطلقًا لأن هذا تعطيل محض‏.‏ والله أعلم‏.‏